دبلوماسية المحاصصة تؤدي الى سفارات بلا سفراء أثارت قائمة تضم 45 مرشحا لشغل مناصب سفراء قدمتها وزارة الخارجية الى مجلس النواب مؤخرا جدلا واسعا بين الكتل السياسية والبرلمانية، وتباينت اسباب اعتراض كل كتلة بين حرمانها من الحصة التي وعدت بها، والاعتراض على استمرار المحاصصة الطائفـية فـي وقت سجلت وزارة الخارجية نفسها تحفظاتها على القائمة.
وكانت وزارة الخارجية قد قدمت فـي اواسط الشهر الفائت القائمة الى مجلس النواب، وتباينت حصص الكتل من الحقائب على اساس حصتها من المقاعد البرلمانية ووصلت حصة الكتلة الى 7 سفارات، وهبطت فـي حدها الادنى الى 3 سفارات.
النائب عن الائتلاف العراقي الشيخ همام حمودي رئيس لجنة العلاقات الخارجية كشف عن حصر تعيين السفراء بالكتل المشاركة فـي الحكومة فقط. وقال حمودي فـي تصريحات صحافـية «ان اختيار السفراء من الكتل المشاركة فـي الحكومة وليس من غيرها، مقصود كي يستطيع هؤلاء السفراء التعبير عن وجهة نظر الحكومة وليس عن مواقف نظر كتلهم او احزابهم.
واضاف: ان بعض الموظفـين يعتقدون انهم المسؤولون الاوائل ولهم كامل الصلاحيات ومثل هذا السلوك لو انتقل الى السفارات فـي الخارج فانه سيكون خطرا على البلد والوضع العام، وكان من الطبيعي ان يتم اختيار السفراء من الكتل التي تشارك فـي العملية السياسية.
واكد حمودي ان السفـير هو ممثل للبلد وعندما يجلس مع مسؤول فـي دولة خارجية ويتكلم عن الوضع العام فهو يتكلم حسب وجهة نظر كتلته او حزبه، وهذا الامر نعانيه حتى داخل الحكومة، فكيف بالموظف خارج البلد؟. لذا تم اختيارهم من الكتل الرئيسة فـي البرلمان وهي الائتلاف العراقي الموحد وجبهة التوافق العراقية وكتلة التحالف الكردستاني والحزب الشيوعي اضافة الى مرشحين يمثلون المسيحيين والصابئة والمستقلين.
لكن النائبة المستقلة فـي مجلس النواب صفـية السهيل قالت ان وزارة الخارجية ولجنة الشوؤن الخارجية فـي البرلمان تعملان على تكريس المحاصصة الطائفـية من خلال الاستجابة لرغبات الاحزاب فـي فرض مرشحيها ليكونوا سفراء العراق فـي الخارج. وتصف السهيل القائمة الاخيرة للمرشحين التي وصلت الى البرلمان بالاختيار السيئ، مشيرة الى ان غالبية الاحزاب المشاركة فـي العملية السياسية تحاول جاهدة استغلال مكانتها الحالية للإستحواذ على مناصب وزارية الى جانب الاستحواذ على الحصة الاكبر من السفارات لصالح مسؤوليها واقربائهم. واضافت: «القائمة العراقية لا تنطبق على اسمائها المواصفات المتعارف عليها فـي الوسط الدبلوماسي بما يؤهلهم ليكونوا سفراء وهذا مؤشر سيئ».
وحول اصل الخلاف الموجود حاليا بين الكتل السياسية حول القائمة قالت مصادر سياسية مطلعة ان «الخلاف يكمن فـي الصراع بين الكتل السياسية حول حصتها من السفراء التي وردت اخيرا الى مجلس النواب، وان الكتل الثلاث التي تشكل الحكومة وفق تصنيفاتها الاجتماعية (سنة، شيعة، اكراد) او السياسية (الائتلاف والتحالف والتوافق) تسعى الى ان تقتصر الاسماء المرشحة عليها باعتبارها ممثلة للحكومة» مؤكدة ان الحديث الذي يجري حول الاعتراضات بشأن آلية اختيار السفراء وعدم الالتفات الى مبدأ الكفاءة هو حديث شكلي لتجميل الصورة لا غير.
واشارت المصادر الى ان المشكلة تكمن فـي «ان بعض الكتل والاحزاب التي سحبت لائحة مرشحيها او تنازلت عن حقائبها الوزارية تصر الآن على منحها حصة فـي السفارات العراقية فـي الخارج.
وزارة الخارجية تحفظت بدورها على قائمة المرشحين التي قدمتها بضغط من الاحزاب السياسية. وكيل الوزارة محمد الحاج حمود قال ان «القائمة لم تُعتمد وفق اسس وضوابط الكفاءة والخبرة، انما على ما تشكله الكتلة التي ينتمي اليها المرشح من نفوذ ومكانة فـي العملية السياسية»، موضحا ان وزارة الخارجية لا تستطيع التدخل فـي هذه الآلية لانها كانت ضمن اتفاق بين الكتل السياسية منذ بدء العملية السياسية وهو امر نرفضه نحن بشدة ونطالب بإلغائه فـي اقرب وقت».
ويقول حمود إن إخراج او إقالة عدد كبير من السفراء والقناصل كان من ابرز المشكلات التي واجهت وزارة الخارجية بعد سقوط النظام السابق ومعظمهم من اعضاء حزب البعث والمخابرات العراقية فـي الزمن السابق.
ويوضح حمود ان آلية تعيين السفراء تتم من خلال تقديم الكتل السياسية لاسماء ترغب فـي ان يكونوا سفراء. هذه الاسماء تقدم الى لجان متخصصة اعضاؤها من وزارة الخارجية وامانة مجلس الوزراء، وهي تعمل على اختيار الاكفأ، ومن ثم ترسل الاسماء الى مجلس النواب لمناقشتها والمصادقة عليها».
وعن السفراء والموظفـين الذين عملوا فـي أيام النظام السابق ويتمتعون بخبرات دبلوماسية مشهودة يشير حمود الى ان الوزارة تمسكت بهؤلاء للإفادة من خبراتهم «ولم نصرف منهم الا من ثبت قيامه بأعمال ضد الشعب العراقي».
وتتحدث اوساط سياسية وشعبية عراقية فـي الداخل والخارج عن سوء ادارة وسوء سلوك احيانا وخضوع عاملين فـي السفارات الى جهات سياسية معينة ما يؤثر سلبيا على اداء الوزارات.
والمعلومات التي حصلت عليها «الاسبوعية» من مصادر فـي وزارة الخارجية تفـيد أن هناك(84) بعثة دبلوماسية عراقية بين سفارة وقنصلية، وان نصف عدد السفارات البالغة(51)هي من دون سفراء، وهذا الامر يؤثر على عمل الوزارة وخططها، ولا يمكن لهذه السفارات ان تنهض بالمهام الموكلة اليها بالشكل المطلوب، لكن عدم وجود سفراء لا يعني بالضرورة الافتقار الى الكوادر والسبب احياناً يعود الى مبدأ المعاملة بالمثل التي تؤطر شكل العلاقات الثنائية دوليا.
ورغم ان وزارة الخارجية تعرضت الى انتقادات مختلفة على امتداد الاعوام السابقة، الا ان عدداً من مسؤولي الوزارة يتقدمهم السيد هوشيار زيباري يؤكدون ان بناء الدولة العراقية الجديدة تطور وسط اجواء غير صحية، وتعرض لهزات ونكبات، وعانى من نتائج الاضطراب الامني والسياسي وان وزراة الخارجية مرت بكل تلك الظروف وتطور اداؤها وسط هذه الاجواء وتحاول تحسين فعالية سفاراتها بشكل تدريجي وهي توفق حينا وتتعثر حينا آخر، لكن ما يحسب لها انها تحاول.
عن مجلة الاسبوعية